في ظل الحديث عن اجتماعات مرتقبة للجان المشتركة بين موريتانيا والسنغال، وبروز تحديات أمنية استوجبت تنظيم دوريات مشتركة على الحدود، أجرت “الحرية نت” لقاء مقتضبا مع السيد “الولي ولد الشيخ الطالب اخيار” القنصل الشرفي الموريتاني في منطقة انجربل الوسط السنغال وهي منطقة زراعية ورعوية، ويوجد بها حضور معتبر للجالية الموريتانية خاصة المنمين والتجار والعابرين نحو غرب إفريقيا عبر طريق ولاية كولخ.
ولد الشيخ الطالب اخيار وجيه وشيخ صوفي يتابع الملفات الكبرى بين البلدين منذ ثمان سنوات باعتباره بالإضافة إلى الملفات العالقة والتحول السياسي الجديد في محيطنا الإقليمي، خاصة السنغال.
الحرية نت: هل لك أن تحدثنا عن التطورات الأخيرة بين موريتانيا والسنغال، وماذا عن وجود أزمة بين البلدين؟
لاوجود مطلقا لأزمة بين البلدين، الحراك الحالي يدخل ضمن التعاون في إطار اجتماع اللجان المشتركة بين البلدين والزيارات المتبادلة، لحل بعض المعوقات الروتينية التي تدرس عادة وإيجاد حلول مناسبة لها.
وهنا أرى ضرورة دعم السفارة الموريتانية في السنغال ماديا وفتح قنصلية في الوسط نظرا لبعد المسافة مع العاصمة من أجل تقريب الإدارة وحل مشاكل المواطنين عن قرب، لأنه لايمكن أن ينتقل المواطن من كيجوكو على الحدود مع جمهورية مالي إلى داكار للحصول على بطاقة القنصلية، وهنا من الأهمية بمكان دعم القنصلية الشرفية في منطقة الوسط نظرا للخدمات التي قدمتها وتقدمها للجالية طيلة ثماني سنوات، خاصة ما يتعلق بالثروة الحيوانية وتقدر عائداتها السنوية بـ 360 مليون دولار، وتشهد رواجا في مواسم الأعياد وغيرها.
الحرية نت: ماهي أبرز معوقات التقارب بين البلدين والتي يجب أن تجد حلولا في أسرع وقت؟
من أبرز المعوقات التي يجب أن ينظر إليها بعين الاعتبار، الرسوم التي يدفعها السنغاليون في موريتانيا للحصول على بطاقة الإقامة، والتي تناهز 30 ألف أوقية، في حين لا يدفع الموريتانيون في السنغال رسوما مقابل إقامتهم، بالإضافة إلى المعاملة التي يتعرض لها السنغاليون الذين يتم حجزهم في مركز إيواء اللاجئين في نواذيبو، يتحدث هؤلاء عن معاملة لا إنسانية يتعرضون لها قبل نقلهم إلى بلدهم، وهنا أقترح إشراك السفارة السنغالية في مراحل عملية الترحيل.
ومن المشاكل المطروحة أيضا مشكل المياه حيث يعتبر العطش معضلا كبيرا للمنمين الموريتانيين خاصة في منطقة جلف زمن الخريف، وضيق المساحة التي يسمح بالرعي فيها وحال تجاوزها فإن ذلك يعتبر مخالفة قانونية، بالإضافة إلى ثم سرقة المواشي.
كما تفرض مشاكل المعابر الحدودية، نفسها بقوة، خاصة معبر “بكل” الذي يقع بين بابابي وبوغي.
وأيضا الرسوم التي تفرض على مواطني البلدين خارج الصيغ القانونية لعدم وصولها إلى الخزينة العامة وعدم توثيقها، ونرى أنها عملا عشوائيا.
الحرية نت: ماذا عن الدوريات المشتركة والتضييق على سيارات التي تحمل لوحات موريتانية؟
تأمين المعابر من خلال الدوريات المشتركة أمر في غاية الأهمية لكن أيضا من المهم أن يصل المواطن إلى وجهته من دون مضايقات أو إزعاج.
بخصوص سيارات الموريتانيين، صحيح أن هناك نقل غير مشروع، لكن التضييق على هذه السيارات وتحديد فترة زمنية لايمكنها لعدها دخول السنغال، قرار جائر خاصة وأن هناك سياحة صحية تدر مئات الملايين على الدولة ونأمل التراجع عن هذا القرار.
الحرية نت: ماذا عن الدبلوماسية الموازية التي ساهمت في التعريف ببلادنا ليس في غرب إفريقيا وإنما القارة بأكملها:
أرى أن الدبلوماسية الموازية مهمة في هذه الفترة نظرا للعامل المشترك، الاقتصادي والديني الصوفي خاصة الروحي والتجاري، بالإضافة إلى الإتفاقيات الكبرى في إطار النفط، وكذا المصالح المشتركة ومنها الطاقة المتجددة والانتجاع والصيد والتعليم، كلها توجب رفع مستوى الدبلوماسية بين البلدين إلى أعلى المستويات، ودعم السفارة الموريتانية دعما خاصا لكي تتمكن من تحقيق المهام الموكلة إليها.
الحرية نت: ماذا عن عدد الموريتانيين في السنغال ودور المشايخ الصوفية في تذليل المشاكل بين البلدين؟
أشير أن هناك ما يناهز 129 ألف مواطن موريتاني داخل السنغال وينقسمون إلى ثلاثة أصناف:
مقيمون بشكل دائم ويتمتعون بجنسيتي البلدين
مواطنون من فئة التجار
الجالية المحمولة العابرة إلى غرب إفريقيا مثل غامبيا وغينيا بيساو التي توجد لديها إقامات دائمة في تلك البلدان.
لذا يجب الانتباه لهذا الواقع الذي يجعل من السفارة الموريتانية في السنغال حزاما أمنيا للدولة الموريتانية، ويجب أن تمنح اعتبارا خاصا، ودعمها بمستشارين مهنيين، وموازاة مع الدوريات الأمنية المشتركة المعلنة يجب أن تكون هناك زيارات روتينية للجالية المنتشرة من حدود “خاي” إلى كرمسين، على الأقل من شهر أو إثنين، وهنا يأتي دور مشايخ الطرق الصوفية لدعم العلاقات بين البلدين.
الحرية نت: ماذا عن التعاون في مجالات الثقافة والشباب؟
يجب تنشيط التبادل الثقافي عن طريق المركز الثقافي، ومن المفيد أن تكون هناك علاقات بينية مباشرة بين وزارات الشباب لتبادل الخبرات والتكوينات وإحياء المدرسة الشنقيطية التي لعبت دورا بارزا في نشر الوعي والتقارب بين الشعبين.
وأرى ضرورة إيجاد صرح علمي يُرفع فوقه العلم الوطني مثل المدرسة الموجودة في غامبيا والنيجر، تعنى بتعليم أبناء الجالية الموريتانية التي تواجه تحدي التعلم باللغة العربية.
الحرية نت: هناك قضية تفرض نفسها على الكثير من الجاليات في مناطق الهجرة الكبرى وهي قضية الحالة المدنية، هل تعاني جالية السنغال من هذا المشكل؟
تطرح مشكلة الحالة المدنية نفسها بقوة على الجالية، لأن الكثير من الموريتانيين الذين ازدادوا في السنغال لديهم لايمتلكون وثائق ثبوتية.
يجب أن يكون هناك تنسيق بين الإدارة الإقليمية ومكتب الجالية والقنصلية الشرفية وربط الجميع بالسفارة مباشرة لكي يتمكن الجميع من تبادل المعلومات وحل المشاكل في أسرع وقت.
نطالب أيضا بإيجاد آلية مشتركة بين البلدين لمتابعة تنفيذ المعاهدات والمشاريع المشتركة، من أجل تدعيم العلاقات وتوفير مناخ ملائم للتعامل مع الواقع المحلي والإقليمي.
الحرية نت: هل من كلمة أخيرة؟
نلاحظ اهتماما كبيرا للقيادة الوطنية على رأسها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بالجاليات المقيمة في الخارج من خلال تنظيمها ووضع إطار قانوني لها وإضافة اسمها لوزارة الخارجية وكذلك حضور الجاليات في الاقتراع المباشر الذي شكل مساهمة فاعلة لها في المشهد السياسي المحلي، بالإضافة إلى وجود ممثلين لها في البرلمان، يعد ذلك مكسبا نشكر عليه فخامة الرئيس، ونطلب منه من هذا المنبر إشراك الجالية السنغالية في الاقتراع المباشر وأن تكون حاضرة في المشهد السياسي، كما نطلب منه فتح مكتب للحالة المدنية في السنغال، ودعم السفارة والقنصلية الشرفية وسط البلاد، لأنها العين الساهرة على مصالح المواطنين وثروتهم الهائلة الموجودة في هذا البلد.
#الحرية_نت