التطبيقات المصرفية فى موريتانيا : الدور البارز وإشكالية التصنيف / محمد المختار ولد أميسه

شهدت موريتانيا فى العقدين الأخرين زيادة ملحوظة فى عدد المصارف وإن كان البعض لا يرى تبريرا لذلك نظرا لحجم الإقتصاد المتواضع نسبيا و لتدني نسبة الولوج إلى المصارف بين الساكنة.

قد يكون من بين الأسباب التى دفعت الحكومات المتعاقبة إلى كل تلك التراخيص، عوامل أساسية من بينها تحرير القطاع وتحسين نسبة ولوج السكان للمصارف وتقريب خدماتها وتشجيع القطاع غير المنصف لدخول الدورة الاقتصادية وزيادة الإنتاج .

 

لكن ومع مرور بعض الوقت كادت النتيجة ان تكون صفرية ان لم تكن سلبية مع تصفية أحد المصارف و وجود أخرى فى وضعية تتأرجح بين المُقلِقة وغير المرضية تماما.

 

مع مطلع سنة 2020 بدأ تنافس المصارف المحلية فى إطلاق تطبيقات رقمية عبر الهاتف وكانت بداية غير مسبوقة لتقريب بعض الخدمات الأساسية من السكان دون أن يكون المشرّع (البنك المركزي الموريتاني)، قد إتخذ الإجراءات الضرورية لسن القوانين المنظمة لهذه الظاهرة التى حققت فى وقت قياسي، بعض أهم الأهداف الحكومية عبر تسهيل ولوج السكان للخدمات المصرفية وتصنيف بعض القطاعات النشطة و أهدافا أخرى لاتقل أهمية.

 

بعض المؤشرات المصرفية وحجم نموّها منذ سنة 2020:

كل المؤشرات الاقتصادية والمالية للمصارف الموريتانية -مجتمعة- شهدت خلال السنوات الأربعة الماضية 2020- 2024 نموا غير مسبوق، فعلى سبيل المثال لا الحصر :

 

حجم الودائع تضاعف مرتين لينتقل من ما يقارب 72 مليار أوقية جديدة فى نهاية سنة 2020 إلى أزيد من 144 مليار أوقية جديدة نهاية سنة 2024؛ أما حجم التمويلات فقد شهد هو الآخر تطورا ملحوظا حيث انتقل من إجمالى يقارب 66 مليار أوقية جديدة إلى أزيد من 109 مليار أوقية جديدة فى نفس الفترة الزمنية؛ لكن النقلة النوعية تتمثل فى مؤشر الولوج للمعاملات المصرفية (عدد الحسابات المصرفية)، الذى تضاعف خمس مرات لينتقل من حوالي 500 ألف حساب فى نهاية 2020 إلى مايقارب مليونان وخمسمائة ألف حساب مع نهاية سنة 2024 دون اعتبار حسابات المحافظ والتى تُعدّ بمئات الآلاف.

 

قد لا يكون هذا النمو كله بفضل انتشار التطبيقات المصرفية وحده فى هذه السنوات، لكن وبكل تأكيد يعود له الفضل بشكل كبير فى ذلك بالتزامن مع إصلاحات جوهرية وجريئة ومتلاحقة شهدتها سياسات القطاع بإشراف من البنك المركزي الموريتاني.

 

ومع تنامى الظاهرة أصبح من اللازم رسم سياسات مصرفية تضمن حقوق المستخدم وتتماشى مع التزامات البنك المركزى مع الشركاء الدوليين والتكيّف مع واقع أصبح معاشا.

لقد نجح المشرّع فى سنّ أهم القوانين، لكن تطبيق بعضها اصطدم بواقع لم يتم التغلب عليه بعد، وإن كانت الإرادة الجادة حاضرة وبقوة.

كل القوانين، أو جلّها تعنى بشكل مباشر تطبيقات المحفظة المصرفية (Wallet) ولم تشمل تطبيقات البنك الرقمى (Banque Digitale ) – أو على الاقل لم تذكر بالاسم – وهو ماسمح لبعض المصارف بتبنى النوع الأخير للتهرب من تطبيق بعض تلك القوانين التى ستحدّ بشكل كبير من حجم المعاملات وربما خروج كمّ كبير من الودائع والعودة إلى المربع الأول وهو قطعا ما لا يريده البنك المركزي.

 

فهل سينجح المشرّع فى إعادة ضبط هذا القطاع بشكل كلىّ و وضع كل تطبيق فى خانة تصنيفه؟ وهل سيكون التصنيف مبنيٌ على فوارق بيّنة فى الحقوق و الإلتزامات ؟ أم سيكون أمام خيار آخر يسمح بإستمرار الوضع الراهن ولو لبعض الوقت؟

 

محمد المختار ولد أميسه إطار مصرفي

 

 

Exit mobile version