إذا ذكرت العظام من الرجال، وارتقى الحديث إلى من نسجوا من أفعالهم رايات مجدٍ وسُطور خلود، فلا ريب أن اسم سيد أعمر ولد ويّاده ولد ماسيره ولد الجيش ولد سدوم ولد انجرتو يتراءى في الطليعة، يَشعّ من وهج السيرة، وينبع من نبض الأصالة، حاملاً في كيانه عطر الآباء وسُؤدد السلف.
فما كلّ من أنجبته الأرضُ رجلٌ، وما كلّ من تنفّس هواءها انتسب إليها، إنما الرجال معادن، وفي المناقب درجات، وقد ارتقى سيد أعمر مراقي الشرف بسعيه، واعتلى مراتب الهيبة بعمله، وأورثه الله سكينة الوقار بما قدّم من جميل الإنفاق وسداد التوجّه.
وليس عجبًا أن يكون امتدادًا لآباءٍ كلُّ واحدٍ منهم ملحمة من ملاحم هذا المجتمع؛ أولئك الذين خطّوا التاريخ لا بالحبر بل بالعزم، وسقوه لا بالحبر بل بالدم والعرق. فيهم سكنت العزّة، ومنهم انبثق الوفاء، فكانوا شعلة تُهتدى بها في ليالي التيه، وظلالًا وارفة لمن طلب المجد بالحلم والعقل والهمة.
وقد نهج سيد أعمر نهجهم، حارسًا للإرث، مؤتمَنًا على العهد، فلم يُضيّع أمانة الآباء، بل زادها بناءً، ووسّعها عطاءً. فإن تأملت في مسيرته كرجل أعمال على المستوى الإقليمي، رأيت النجاح وقد ارتدى جلباب الجهد، ولبس عباءة السهر، وامتطى صهوة المثابرة. لم يكن نجاحه طفرةً أو صدفة، بل كان ثمرةً لنفسٍ ما تعوّدت التواني، ولا عرفت غير الطريق الطويل.
وما كان حرصه على عمارة المساجد وإنفاقه في سبيل الله إلا شاهدًا على اتساع همّته، ونقاء سريرته، وصدق مقصده. فمن جعل ماله وقته ووجاهته وقفًا على طلاب العلم وأهل الخير، فذلك رجل بُنيت له عند الله منازل، وفي قلوب الناس مهابة.
أما أعداء النجاح، فإنهم كما قال العربي: “يموتون بغيظهم”، لا يضرّون إلا أنفسهم، ولا يرمون إلا بالهواء، فإن رصاصهم كما المثل الحساني: “تعمار أشدوك” لا يُصيب ولا يوجع، إذ هو من ريحٍ لا من نار.
اليوم، وقد نزل سيد أعمر في حلّة إدوعيش، تحفّه تجكانت، ويكلؤه الشرفاء: أهل ديدي، وأهل اشريف محمد الولي، فإنما هو في حصنٍ حصين، لا تناله يد العادين، ولا تطاله سهام الحاقدين. فالقبائل الموريتانية، على مرّ الزمن، كانت الحصن والسند، وها هي اليوم كما كانت بالأمس، تقف صفًّا لا يتزعزع، جدارًا لا ينهار، دون هذا الرجل، كما وقفت من قبل دون آبائه الميامين.
فحيًّا بهذا الرجل الذي ما خذل إرثًا، وما أنكر نسبًا، ولا تنصّل من واجب. رجلٌ جمعت فيه مكارم الآباء، وأضيفت إليه فضائل الأبناء، فكان كما قيل:
“إذا عظُم الرجل، تواضع، وإذا علا، ازداد للناس نفعًا.”
محمد ول أج
Mohamed Eje