الحملة الانتخابية في كرو …. كأنها شوط ثان من مباراة واحدة/ أحمدو حبيب الله الملقب المهدي

الحملة الانتخابية في كرو
تبدأ من حيث انتهت في الانتخابات الماضية، وكأنها شوط ثان من مباراة واحدة .
فكل المتنافسين في كرو بدأوا حملتهم بما يسمى باستصحاب الحال، وهو المعرف – في اصطلاح الأصوليين – بأنه : الحكم بثبوت أمر أو نفيه في الزمان الحاضر أو المستقبل، بناء على ثبوته أو عدمه في الزمان الماضي .

فكل الفرقاء في هذه الحملة قد استصحبوا الحال، التي خلفتها الحملة النيابية، في الانتخابات الماضية، من حساسيات وحزازات ونعرات …
مستحضرين جميعا كل الانتصارات والبطولات، التي كانوا قد حققوها في تلك الانتخابات .
فالكل مصمم على الفوز، وواثق من الانتصار، ولا مجال عنده للهزيمة بحال .

بيد أن البعض بدأ يشجع نفسه باستحضار، الْبَثِّ الذي لا يقال إلا في الجلسات الخاصة، من حديث أهل لخيام .
فهناك من يروا أنهم هم أصحاب الجماهير، الذين جاءوا إلى الأرض بعدما هجرها سكانها، فاستقروا فيها، وعمروها أكثر مما عمروها، ومع ذلك ما زالوا في نظر البعض وافدين، رغم أنهم في الأصل شركاء أساسيون ﴿… إِنَّ الأَرضَ لِلَّهِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨]

وهناك من يروا أنهم هم السكان الحقيقيون الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .
ولا أدل على ذلك من كونهم، آثروا غيرهم في الترشيحات، وأتاحوا الفرصة للجميع حتى جربوا حظهم عن آخرهم، فلما جاء دورهم هم، إذا ببعض ضيوفهم يستكثرون عليهم مجرد طموح أبرز أطرهم، للفوز ببعض مقاعد مقاطعتهم، التي هي في الأصل ملك لهم ووثائقها مسجلة باسمهم، وليس هناك من حيث الكفاءة من هو أحق بالترشح منهم.
مع أنهم يدركون جيدا أن من لم يحالفهم الحظ في ترشيحات حزب الدولة هذه المرة، قد تم إنصافهم، إما لكونهم قد أخذوا فرصتهم في الانتخابات الماضية، أو لكون الحزب قد رشحهم هم الآخرون، في دوائر انتخابية أخرى، ربما تكون أضمن للنجاح، وأقل من حيث التكاليف .

وهكذا تعيش مقاطعة كرو على وقع هذا التجاذب العنيف، الأمر الذي يحتم، تدخل الحكماء حتى ينصحوا الجميع بالتنافس الشريف، والخطاب المسئول، قبل أن يأخذ التنافس بينهم مسارا غير ديمقراطي .

وبالمناسبة فإني أقول للجميع إن السياسات المتبعة في هذه الانتخابات، مختلفة تماما عن كل السياسات الماضية، فقد كان بإمكان النظام الحالي أن يضع من العراقيل والعقبات، ويرشح من الوجهاء ورجال الأعمال وأبناء الجنرالات .. ما يضمن له الهيمنة على صناديق الاقتراع، ويحصل به على جميع الأصوات، ولا يترك لكبار الناخبين، من مجال يتنفسون فيه إلا التزلف والولاء .

ولكن نظام الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، قد نأى بنفسه من أول يوم عن كل تلك السياسات الخاطئة التي كانت متبعة في دين الملك، فقرر ولأول مرة في تاريخ البلد، أن يجري انتخابات حرة ونزيهة، تقوم فيها الإدارة الإقليمية بواجبها في توفير الأمن، وضبط النظام، بكل صرامة ومسئولية .
وتتمكن اللجنة المستقلة للانتخابات من القيام بواجبها بكل حرية، حتى تؤدي أمانتها بنزاهة وشفافية،
وتقف من الجميع على مسافة واحدة .

وبالتالي فلا يظنن من رشحه الحزب الحاكم، أنه سوف يكرم إذا فشل، ولا من رشحه غيره أنه سوف يعاقب إذا نجح، كلا، فذلك عصر زمانه قد ولى .

ولكن ليكن في علم الجميع، أن الانتخابات التشريعية، هي بمثابة انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، وعلى الجميع أن يعبروا فيها عن قناعتهم بصدق، ولا يعلنوا ولاءهم لحزب وهم يضمرون ولاءهم لغيره، وخاصة حزب الإنصاف، فالذين أعلنوا دعمهم له – وأنا منهم – عليهم أن يفوا بالتزامهم، ويكونوا على مستوى التحدي، فإن جاءت النتائج لصالحهم، فسوف يصبحون جزءً من النظام الحالي بصورة تلقائية، وسوف يعول عليهم الرئيس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإن ظهر أنهم يخادعون الحزب أو يتشبعون بما لم يعطوا، فإن الرئيس لن يعول عليهم، بل سيتوجه إلى أهل الأرض والجمهور حسب معطيات صناديق الاقتراع، وليس على أساس الحظوة والانتفاع، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .

أحمدو حبيب الله الملقب المهدي .

Exit mobile version